( ت ـ 360 هـ )
اسمه وكنيته ونسبه :
أبو الفتح محمود بن محمّد بن الحسين بن سندي بن شاهك الرملي المعروف بكشاجم .
ولادته :
ولد الشاعر كشاجم في أواسط القرن الثالث الهجري .
مكانته العلمية :
هو نابغة من رجالات الأمّة ، وفذ من أفذاذها ، كان شاعراً ، كاتباً ، متكلّماً ، منجّماً ، منطقياً ، محدّثاً ، محقّقاً ، مدقّقاً ، مجادلاً ، جواداً ، فهو جامع الفضائل ، وإنّما لقّب نفسه بكشاجم ، إشارة بكل حرف منها إلى علم ، فبالكاف إلى أنّه كاتب ، وبالشين إلى أنّه شاعر ، وبالألف إلى أدبه أو إنشاده ، وبالجيم إلى نبوغه في الجدل أو جوده ، وبالميم إلى أنّه متكلّم أو منطقي أو منجّم .
أدبه وشعره :
إنّ المترجم قدوة في الأدب وأسوة في الشعر ، حتّى أنّ الرفاء السري الشاعر المفلق على تقدّمه في فنون الشعر والأدب كان مغرى بنسخ ديوانه ، وكان في طريقه يذهب ، وعلى قالبه يضرب .
دوّن شعره أبو بكر محمّد بن عبد الله الحمدوني ، وشعره كما تطفح عنه شواهد تضلعه في اللغة والحديث ، وبراعته في فنون الأدب والكتاب والقريض ، كذلك يقيم له وزناً في الغرائز الكريمة النفسية ، ويمثّله بملكاته الفاضلة .
عقيدته :
إنّ عصر المترجم من العصور التي زاعت فيه النحل والمذاهب ، وشاعت فيه الأهواء والآراء ، وقلّ فيه من لا يرى في العقائد رأياً يفسّر به إسلامه ، وهو ينص به على خبيئة قلبه تارة ، ويضمرها أخرى .
وأمّا شاعرنا فكان في جانب من ذلك ، إمامياً صادق التشيّع ، موالياً لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، ويجد الباحث في خلال شعره بيّنات تظاهره بالتهالك في ولاء آل الله ، وبثّه الدعوة إليهم بحججه القوية ، والتفجّع في مصابهم والذب عنهم ، والنيل من مناوئيهم ، واعتقاده فيهم أنّهم وسائله إلى المولى في الحاضرة ، وواسطة نجاحه في الآخرة .
وكان من مصاديق الآية الكريمة : ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ) ؛ فإنّ نصب جدّه السندي ابن شاهك ، وعدائه لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، وضغطه واضطهاده الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) في سجن هارون ، ممّا سار به الركبان ، وسودّت به صحيفة تاريخه ، إلاّ أنّ حفيده هذا باينه في جميع نزعاته الشيطانية ، فهو من شعراء أهل البيت المجاهرين بولائهم ، المتعصّبين لهم ، الذابين عنهم ، ولا بدع فإنّ الله تعالى هو الذي يخرج الدر من بين الحصى ، وينبت الورد محتفاً بالأشواك .
مؤلّفاته : نذكر منها ما يلي :
1ـ أدب النديم .
2ـ كتاب الرسائل .
3ـ ديوان شعره .
4 ـ كتاب المصايد والمطارد .
5ـ خصائص الطرف .
6ـ الصبيح .
7ـ البيرزة في علم الصيد .
وفاته :
توفّي الشاعر كشاجم ( رحمه الله ) عام 360 هـ أو 350 هـ أو 330 هـ .
وهذه قصيدة له في رثاء اهل البيت
أجـل هــو الرزء فادحــه
باكـره فاجــع ورائحــه
لأربـع دار عفــا ولا طلـل
أوحـش لمـا نأت ملاقحـه
فجائـع لو درى الجنيـن بهـا
لعاد مبيضــة مسـالحـه
يا بؤس دهـر على آل رسـول
الله تجتاحهــم جوائحــه
إذا تفكّـرت فـي مصـابهـم
أثقب زنـد الهمـوم قادحـه
بعضـهم قربـت مصـارعـه
وبعضهم بوعدت مطارحـه
أظلـم فـي كربلاء يومهــم
ثـمّ تجلّـى وهـم ذبائحـه
لا يبرح الغيـث كـل شـارقة
تهمى غواديـه أو روائحـه
على ثرى حلـة غريب رسـول
الله مجروحــة جوارحـه
ذل حمـاه وقــل ناصــره
ونال أقصـى مناه كاشـحه
وســيق نســوانه طــلاح
أحسن أن تهادى بهم طلائحه
وهن يمنعن بالوعيـد من النوح
والمـلا الأعلـى نوائحـه
عـادى الأسـى جـدّه ووالـده
حين استغاثتهما صـوائحه
لو لم يـرد ذو الجلال حربهـم
به لضـاقت بهم فسـائحه
وهو الذي اجتاح حين ما عقرت
ناقتـه إذ دعـاه صـالحه
يا شـيع الغي والضـلال ومـن
كلّهـم جمّـة فضـائحـه
غششـتم الله فـي أذيـة مــن
إليكـم أديـت نصـائحـه
عفرتـم بالثـرى جبيـن فتـى
جبريل قبل النبي ماسـحه
سـيّان عنـد الإلــه كلّكــم
خاذلـه منكــم وذابحـه
علـى الذي فاتهــم بحقّهــم
لعن يغاديـه أو يراوحـه
جهلتم فيهم الذي عرفـه البيـت
جهلتم فيهم الذي عرفـه البيـت
إن تصـمتوا عن دعائهم فلكـم
يوم وغى لا يجاب صائحه
في حيث كبش الردي يناطح من
أبصر كبش الورى يناطحه
وفي غد يعـرف المخـالف من
من خاسـر دين منكم ورابحه
وبيـن أيديكـم حريـق لظـى
يلفـح تلك الوجـوه لافحه
إن عبتموهـم بجهلكـم سـفها
ما ضر بدر السـماء نائحه
أو تكتموا الحق فالقرآن مشـكله
بفضـلهم ناطق وواضـحه
ما أشـرق المجد من قبورهـم
إلاّ وسـكّانها مصـابحـه
قوم أبـى حد سـيف والدهـم
للدين أو يسـتقيم جامحـه
وهو الذي اسـتأنس الزمان به
والدين مذعورة مسـارحه
حاربـه القـوم وهو ناصـره
قدما وغشـوه وهو ناصحه
وكم كسـى منهم السيوف دماً
يوم جلاد يطيـح طائحـه
ما صـفح القوم عندما قدروا
لما جنـت فيهم صـفائحه
بل منحـوه العنـاد واجتهدوا
أن يمنعـوه والله مانحـه
كانـوا خفافـاً إلـى أذيتــه
وهو ثقيل الوقار راجحـه