إن الصبر وهو حبس النفس على طاعة الله تعالى حتى لا تفارقها ، وعن معصية الله تعالى حتى لا تقربها ، وعلى قضاء الله تعالى حتى لا تجزع له ، ولا تسخط عليه ، هذا هو الصبر في مواطنه الثلاثة .
وهو خلق من أشرف الخلق و أسماها ،هو خلق مكتسب ، يحمل العاقل عليه نفسه
يدل على ذلك أمره تعالى رسوله به في عير موطن من كتابه العزيز ، وذلك كقوله تعالى : (( فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل )) ( الاحقاف 34 )، وقوله (( واصبر وما صبرك إلا بالله )) ( النحل 127) وقوله في أمر كافة المؤمنين به : (( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ))( آل عمران200 )
وقد صبر رسول الله صلى الله عليه و سلم وصابرطيلة عهد إبلاغ رسالته الذي دام ثلاثا وعشرين سنة ، فلم يجزع يوما ن ولم يتخل عن دعوته ، وإبلاغ رسالته حتى بلغ بها الآفاق التي شاء الله تعالى أن تبلغها
وباستعراضنا المواقف التالية تتجلى لنا حقيقة الصبر المحمدي الذي هو فيه أسوة كل مؤمن ومؤمنة في معترك هذه الحياة
صبره صلى الله عليه و سلم على أذى قريش طيلة ماهو بين ظهرانيها بمكة ، فقد ضربوه ، وألقوا سلى الجزور على ظهره ، وحاصروه ثلاث سنوات مع بني هاشم في شعب أبي طالب ، وحكموا عليه بالاعدام ، وبعثوا رجالهم لتنفيذه فيه إلا أن الله سلمه وعصم دمه . كل هذا لم يرده عن دعوته ، ولم يثن عزمه عن بيانها وعرضها على القريب والبعيد
وصبره عام الحزن ، حيث ماتت خديجة الزوجة الحنون ، ومات العم الحاني الحامي المدافع أبو طالب ، فلم تفت هذه الرزايا من عزمه ، ولم توهن من قدرته ، إذ قابل ذلك بصبر لم يعرف له في تاريخ الأبطال مثل لا نظير
صبره في كافة حروبه : في بدر ، وفي أحد ، وفي الخندق ، وفي الفتح ، وفي حنين وفي الطائف ، وفي تبوك ، فلم يجبن ولم ينهزم ، ولم يفشل ، ولم يكل ولم يمل حتى خاض حروبا عدة وقاد سرايا عديدة ،فقد عاش من غزوة إلى أخرى طيلة عشر سنوات ، فأي صبر أعظم من هذا الصبر ؟
صبره على تآمر اليهود عليه بالمدينة وتحزيبهم الأحزاب لحربه والقضاء عليه ، وعلى دعوته
صبره على الجوع الشديد ، فقد مات صلى الله عليه و سلم ولم يشبع من خبز شعير مرتين في يوم واحد قط
لقد صبر صلى الله عليه و سلم على كل ذلك فلم يهن ، ولم تضعف همته ، ولو أوذي غيره بمعشار ماأوذي أو أصابه من البلايا والرزايا دون ما أصابه لتخلى عن دعوته ، وهربمن مسؤوليته ، ووجد في نفسه مبررا لذلك ، ولكن الله عصمه فصبره ، وحماه وقواه ليبلغ عنه رسالته ، ويجعله آية للناس في صبره وحكمته وعفوه وكرمه وشجاعته وفي سائر أخلاقه ، فصلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .
سلسلة رجال حول الرسول صلى الله عليه و سلم
ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]