أمراء فى دولة الشعر2*نادى أمراء البيان*....المتنبي...
المتنبي
أبو الطيب، أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الكندي
نشأ بمدينة الكوفة، وكان أبوه فقيراً إلا أنه حرص على تعليمه وتثقيفه وكانت مدينة الكوفة تزخر بالعلماء والأدباء، فتردد المتنبي على حلقات العلم واستمع إلى رواة الشعر والأخبار،وكان ذكياً وهبه الله حافظة قوية
ساعدته على حفظ أشعار العرب وأخبارها مما كان له أكبر الأثر فى شعره
ذهب إلى البادية وأقام بين الأعراب وأخذ عنهم اللغة العربية والأخلاق الأصيلة فنشأ أعرابي الطبع معتزا بنفسه
وقومه العرب،نبغ فى الشعر وهو صغير فتنقل بين بوادي العراق والشام يمدح زعماء القبائل
وقد أدي نبوغه المبكر وقوة شعره وما يكشف عنه هذا الشعر من طموح وأطماع إلى إتهامه بإدعاء النبوة وهذا زعم باطل وإنما رماه حساده بهذه الدعوي وتأولوا أبياته لتتفق مع زعمهم كقوله
أنا فى أمةٍ تداركها الله غريبُ كصالحٍ فى ثمودِ
وقوله
ما مُقامي بأرض نخلة إلا**كمقام المسيح بين اليهود
أما تلقيبه بالمتنبي فقد أطلقه عليه بعض المعجبين بشعره لعبقريته الشعرية وأنه أتي فى أشعاره بما لم يسبقه إليه غيره، كانت علاقة المتنبي بسيف الدولة مرحلة جديدة من مراحل حياته وشعره فقد لازمه فى سلمه وحربه وفى حله وترحاله وأصبح أكبر شعرائه وموضع الحفاوة والإحترام منه، قال فيه أعظم قصائده وهى القصائد المشهورة بالسيفيات ولكن كثر حساده فى ديوان سيف الدولة وكان أكثرهم نقمة عليه أبو فراس الحمداني الشاعر المشهور وبن عم سيف الدولة ،وبن خالويه اللغوي النحوي وأخذ حساده يكيدون له عند الأمير حتي أعرض عنه يقول المتنبي مُعَرضاً بذلك وأنه ينوي مغادرته
يا مَن يعزُ علينا أن نفارقهم**وِجداننا كل شيئ بعدكم عدم
إن كان سَركمُ ما قال حاسدنا**فما لجرحٍ إذا أرضاكمُ ألمُ
كم تطلبونَ لنا عيبا فيُعجزكُم**ويكره الله ما تأتون والكَرمُ
وبعدها رحل المتنبي عن سيف الدولة قاصداً كافور الإخشيدي حاكم مصر متمنياً الأمارة ولكن كافور كان داهية يحسب لأطماع المتنبي ألف حساب فهرب المتنبي من مصر وهجا كافور هجاء مقذعاً وذهب إلى الكوفة ومنها إلى بغداد وطال ترحاله بين مدن الخلافة ثم قرر أن يعود إلى الكوفق مسقط رأسه ولكن أعراباً من بني ضبة بقيادة فاتك الأسدي اعترضوا طريقه لأنه كان قد هجا ضبة بشعر مقذع وأراد المتنبي أن يفر ولكن غلامه قال له كيف تفر من المعركة وأنت القائل
الخيل والليل والبيداء تعرفنى**والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فصمد فى المعركة حتي قتل
شعره
يعتبر المتنبي أكبر شعراء العربية وقد ذاع شعره فى الآفاق لما فيه من الحكمة والتجارب الصادقة مع قدرة عجيبة على التعبير حتي قال عن شعره
وما الدهر إلا من رواة قصائدى**إذا قلتُ شعرا أصبح الدهر منشدا
وقال أيضا
أنا الذى نظر الأعمي إلى أدبى**وأسمعت كلماتي مَن به صصم
وفى بعض شعر المتنبي مبالغات غير مقبولة كقوله
أيّ محل أتقى أيّ محل أرتقى
وكل ما خلق الله وما لم يخلقِ
مُحتقر فى همّتى كشعرة فى مفرقى
من جميل شعره فى الرثاء
طوى الجزيرة حتي جاءنى خبر**فَزِعتُ فيه بآمالى إلى الكذبِ
حتي إذا لم يضع لى صدقه كذباً**شرِقتُ بالدمع حتي كاد يشرق بى
وقد أجاد المتنبي فى كل أغراض الشعر
ولكنه ظل دوما الشاعر الحكيم والحكيم الشاعر
وإذا النفوس كانت كباراً**تعبت فى مرادها الأجسامُ
ويقول
وإن أسلمّ فما أبقي ولكن**سلمت من الحِمَام إلى الحِمَام
وله
ما كل ما يتمني المرء يدركه**تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن
ويقول
ومَن يهن يسهل الهوان عليه**ما لجرحِ بميتٍ إيلامُ
وله
إذ أنت أكرمت الكريم ملكته**وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ولا أستطيعُ أن أختم موضوعي بأبدع من قوله
ذو العقل يشقي فى النعيم بعقلهِ**وأخو الجهالة فى الشقاوة يَنعمُ
هذا والله أسأل أن يرتقي موضوعي لذائقتكم الراقية
فإن كان من توفيق فمن الله وحده
مودتي وأمراء البيان
عنهم
النمر المظفر